حياة عبيد و خدام القصر الملكي (الجزء الأخير)
البروتوكول المخزني

ومهما يكن من أمر، فإن الملك محمد السادس ورث عرش والده الراحل الملك الحسن الثاني بجميع مكوناته ومراسيمه وطقوسه وتقاليده العريقة دون أن يحسم في جوهرها، وهو ما يشكل في نظر أغلب المحللين كلا لا يتجزأ من وراثة الملك.
ومن المعلوم أن قضايا البروتوكول الملكي وتنظيم إ
وهذا في وقت ظل القصر الملكي في المخيلة الجماعية تلك البناية المحاطة بالأسوار العتيقة المرممة والتي تحتضن بنايات ومرافق مثقلة بالزخارف وذات الأبواب الضخمة المكسوة بالنحاس والسواري المرصعة بالفسيفساء، وفضاءات تعج بالحرس أصحاب البذلة الحمراء أو البيضاء والخدم والعبيد والحشم.

فالقصر الملكي يعتبر مركز الحكم في المغرب؛ ويشكل قصر الرباط أحد رموز النظام السياسي، وقد شيد سنة 1864، حيث توجد به قاعة العرس، ويحتضن ديوان الملك الذي يعتبر أهم دوائر صنع وبلورة القرارات بالمغرب، وبه كذلك تحدد التوجيهات العملية لتسيير الحكم بالبلاد. وكما أسلفنا فإن الحياة اليومية بالقصر الملكي تخضع لجملة من القواعد والضوابط والطقوس موروثة على امتداد قرون؛ ويعتبر مدير التشريفات الملكية والأوسمة حاليا هو القائم على الحفاظ عليها والحارس على تطبيقها واستمراريتها بدون تحويل أو تغيير، وهذا هو الدور الذي يضطلع به عبد الحق المريني حاليا. وبجانب هذه المديرية التابعة لوزارة القصور والتشريفات، وهي وزارة بدون وزير منذ وفاة الجنرال حفيظ العلوي، هناك مديرية التشريفات التابعة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وهي المكلفة بالمراسيم والأوسمة ولاسيما ما يتعلق منها بطلبات الموافقة والاعتماد والإنابات القنصلية والحفلات الرسمية والقضايا المتعلقة بالأنظمة الأساسية للبعثات الدبلوماسية وطلبات تأشيرات المجاملة لدى البعثات الأجنبية.
عبد الحق المريني حارس طقوس القصر والبروتوكول

ويضطلع الآن عبد الحق المريني بمهمة تدبير شؤون مديرية التشريفات والأوسمة، وهو المشرف على البروتوكول داخل القصر على امتداد ما يناهز أربعة عقود. ومن مهامه الإشراف على تنظيم الاستقبالات الملكية والحفلات الرسمية والدينية والتدشينات وتهييئ الزيارات.
وعبد الحق المريني هو أحد أبناء الرباط، امتهن التعليم قبل الالتحاق سنة 1965 بالقصر وتدرج إلى أن احتل منصب مدير التشريفات الملكية. وهو حفيد الأمين محمد المريني الذي اضطلع بعدة مناصب مخزنية في عهد السلطان المولى يوسف، ومنها منصب مسؤول عن مالية دار المخزن (أمين الصيار).
ويعتبر عبد الحق المريني أحد خدام القصر، ويقول أنه يعتمد الجدية والصرامة مع اللين كنهج في العمل، ظل معروفا بصرامته رغم أن المقربين منه يجمعون أنه يغلب عليه طابع الخجل والتواضع. إنه في عمله اليومي كالمخرج يصدر تعليماته لمعاونيه وللخدم في المناسبات الرسمية التي يظهر فيها الملك، سواء تعلق الأمر بخطاب ملكي أو استقبال رسمي بالقصر أو بتعيينات. فهو الذي يعلن الأسماء ويرافق أصحابها واحد واحدا حتى يقتربوا من الملك لتقبيل يده، كما يلقن قسم الإخلاص للمسؤولين الجدد.
أصل عبيد وخدم القصر

فقد كان الجيش وتنظيمه وتجهيزه من أبرز اهتمامات السلطان المولى إسماعيل الذي انشأ جيش العبيد الآتين من السودان والذين بلغ عددهم آنذاك 150 ألف نفر تكاثروا نتيجة تزاوجهم وإنجابهم. وكان السلطان يأخذ بناتهم من سن العاشرة فأكثر ليوزعهن على عريفات القصر وليؤدبهن بآدابها ويمرسهن على أصول الخدمة وقواعدها وطقوسها.
هذه الطقوس والقواعد التي ظلت سارية المفعول إلى الآن، وعمل الملك الراحل الحسن الثاني على إعادة إحياء بعضها كانت قد اندثرت وذلك لولعه بالتاريخ ومظاهر الهالة التي أعاد إسباغها بقوة على العائلة الملكية في عهده.
ويبدو أنه لم يسبق أن تم الإعلان رسميا عن منع الرق والرقيق بالمغرب، إلا أن ممارسته أضحت ممنوعة منذ فجر القرن العشرين، علما أن الرق عرف نشاطا كبيرا وانتشارا واسعا في المغرب في عهد السلطان أحمد المنصور الذهبي والسلطان المولى إسماعيل في القرنين 16 و 17 الميلاد
تعليقات
إرسال تعليق